ختان الإناث او ما يُعرف اجتماعياً ودينياً بـ“الطهارة”، ويشتهر طبياً وعالمياً بمُصطلح ” Female Genital Mutilation “ الذي يُختصر في ثلاث حروف وهي (FGM) ويعني ” تشويه الأعضاء التناسلية للإناث “ وتستخدم المؤسسات الطبية العالمية ذلك المصطلح للتشديد علي خطورته واضراره.
ويُوصف بالختان كل إجراء او جراحة – غير
طبية – لتغيير شكل العضو التناسلي الأنثوي، ويقصد بمٌصطلح (غير طبية) هو كل
تدخل لا داعي لحدوثه، وإنما تُحركه مجموعة اعتقادات ( قناعات دينية او
اعراف اجتماعية ) والتي هي خارجة عن الأسباب العلمية الحقيقية لهدف التدخل
الجراحي ذاته .
* اسباب تشويه الأعضاء التناسلية للإناث !
احد اهم واكبر الأسباب الداعمة لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث هي
الثقافات المُجتمعية والأديان حيث انها تكتسب قدسيتها كممارسة من اعتياد
الناس علي فعلها وتولد بداخلهم شُعور لا عقلاني بالإلزام وهو ما يكتسب
شعبيه بتفشي احد صور الفكر الديني وسيادة إلزامية الأعراف الإجتماعية والتي
تدمر وتُشوه الأعضاء التناسلية لملايين النساء وفي كافة مراحلهم العمرية.
* ما هي وظائف الأعضاء التي تتعرض للتشويه ؟
لمعرفة وظائف الأعضاء التي تتعرض للتشويه – الختان – يجب علينا اولاً تفصيل
الجهاز التناسلي الأنثوي وتحديداً الجزء الخارجي منه بالشرح المبسط
ليستطيع القارئ ان يري الصورة كاملة ويفهم حقيقة الأمر بعيداً عن المغالطات
المقصودة .. ونبدا بالآتي ؛
1 ) البظر :
هو احد اهم الأعضاء في الجهاز التناسلي الأنثوي ويحتوي علي حوالي 8000
نهاية عصبية ويناظره تشريحياً القضيب عند الذكر الذي يحتوي علي نصف عدد
النهايات العصبية تقريباً، وهو نسيج انتصابي – ينتصب اثناء الإثارة الجنسية
نتيجة إمتلاءه بالدماء – ويصل طوله في الأنثي البالغة إلي 1.5 – 2 سم
بينما قطرها لا يزيد عن 1 سم.
ويتواجد البظر مدفوناً بشكل جزئي وراء
عظمة العانة وتُغطيه قلفة شبيهة بالقلفة التي يمتلكها الذكر الغير مختون
لحمايته من الإحتكاكات والحفاظ عليه رطباً وفي حالة صحية جيدة، ويحتوي علي
تدفق دموي هائل وحساسية عالية للمس والآلام والجروح ..
تستطيع الأنثي الوصول للأورجازم عن طريق
المداعبة البسيطة للبظر حيث انه عضو حسي جنسي بإمتياز، وللأسف فإن البظر هو
اول الأعضاء المُستهدفة في عملية التشويه الجنسي الممنهج للأنثي ..
2 ) الشفران الكبيران :
تكتلان جلديين يتكونان من نسيج دهني سميك دوره هو حماية الأعضاء التناسلية
الخارجية ويغلفان فتحة المهبل وفتحة البول والبظر وتحتوي على “غدد
بارثولين” والتي لها دور رئيسي في تحسين صحة المهبل وتسهيل العلاقة الجنسية
عن طريق افراز مادة لزجة مطهرة وتسهل مرور القضيب بدون احتكاكات مؤلمة ..
للشفران الكبيران دور آخر ولكن في عملية
الولادة الطبيعية حيث انها توفر الأمان الكافي لرأس الطفل بالإضافة إلي
كونها تحتوي علي العديد من الأوعية الدموية والأعصاب التي تحسن من الملامسة
القضيبية للمهبل اثناء الإيلاج .
3 ) الشفران الصغيران :
ثنيتان من الجلد تتواجدا بداخل الشفرين الكبيرين ويشتركان في تكوين فلقة
علوية وقاعدة سفلية للبظر لحمايته من الإحتكاك والإصطدام المباشر كي لا
يسبب ألماً للأنثي، ويساعد ذلك العضو في غلق فتحة المهبل مما يقلل مرور
الميكروبات بشكل مباشر داخله ووضعها التشريحي يساعد في عدم إتجاه تيار
البول إلي داخل المهبل وتحتوي علي نهايات عصبية تستقبل اشارات اثارة مُخية
لتحولها إلي دعم لزيادة افراز السوائل المرطبة للمهبل والمهيئة له للعملية
الجنسية ..
في حالة إستئصال جزئي او كلي – تشويه
للجهاز التناسلي – تفقد الأنثي تلك المميزات الطبيعية والتي تولد بها مما
يترتب عليه مجموعة اضرار كثيرة سنتناولها لاحقاً ولكن اولاً يجب علينا ذكر
انواع الختان والذي ينقسم إلي 4 انواع تتدرج من الأقل إلي الأكثر ضرراً ..
* انواع تشويه الأعضاء التناسلية للأنثي !
1 ) النوع الإعتيادي : القطع الجزئي او الكلي للبظر .
2 ) النوع الثاني : القطع الجزئي او الكلي للبظر بجانب استئصال الشفران ( الكبيرة والصفيرة ) .
3 ) النوع الثالث : القطع الكامل للشفران ( الكبيرة والصفيرة ) مع تضييق فتحة المهبل وقد يتم ازالة البظر، ويسمي بالختان الفرعوني .
4 ) النوع الرابع : الإجراءات الغير طوعية والغير طبية للتعديل في الجهاز التناسلي الأنثوي كالكي والنحت وتركيب الحلقات والزينة في تلك المناطق .
* فوائد الختان !
انتهت جميع المؤسسات الطبية العالمية في تقاريرها المُعتمدة بأنه لا يوجد
اي فائدة صحية للختان وان كل ما يخلفه هذا الإعتداء الغير طبي علي الأنثي
هو العديد من الأمراض والإضطرابات النفسية والجنسية نتيجة إحداث تلف
وتشويهات بالأجزاء الحساسة الطبيعية في جسدها .. وعلي رأس هذه المؤسسات
يأتي “منظمة الصحة العالمية – WHO ” والتي عبّرت بجُملة ( No health benefits, only harm ) علي تشويه الأعضاء التناسلية للأنثي .
* اضرار الختان – تشويه الأعضاء التناسلية – علي الأنثي !
تُقسم اضرار الختان إلي قسمين إحداهما عضوي والآخر نفسي ..
وفيما يلي سرد لتلك الأضرار .
– الأضرار النفسية لتشويه الأعضاء التناسلية للأناث ..
1 ) الصدمة النفسية الناتجة من المعاناة الشديدة .
2 ) الخوف من الملامسة الجسدية لتلك المنطقة .
3 ) كره الذات والإحساس بالنقص وقلة الثقة بالنفس .
4 ) العقدة الجنسية نتيجة ارتباط النشاط الجنسي بذكري سيئة ومؤلمة .
5 ) الإقدام علي الإنتحار نتيجة الحالة النفسية السيئة ( اكتئاب مُزمن ) .
– الأضرار العضوية لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث ..
وتنقسم تلك الأضرار لنوعين :
1 – الآثار المباشرة .
1 ) ألم شديد .
2 ) صدمة عصبية .
3 ) ألتهابات الجروح زي الغرغرينا .
4 ) انتقال لإلتهاب الكبد الوبائي والإيدز .
5 ) مشاكل بولية .
6 ) اصابات بالأنسجة المحيطة حول المهبل .
7 ) الموت المفاجئ ( النزيف او الصدمة العصبية او التخدير الزائد ) .
2 – العواقب طويلة المدي .
1 ) ألتهابات المسالك البولية المزمنة .
2 ) العقم .
3 ) الندوب والخراجات .
4 ) زيادة احتمالات وفاة الأطفال اثناء عملية الحمل .
5 ) فقدان الإحساس بالمتعة الجنسية وحدوث آلام اثناء ممارسةالجنس .
6 ) جفاف المهبل .
7 ) الإلتهابات المهبلية .
*الإستجابة الدولة لقضية ختان الإناث ..
مُنذ عام 1997 وحتي الأن مازالت هناك جهود كبيرة تُبذل للتخلص من تلك
الظاهرة الدميمة وهذا الإعتداء الممنهج علي الطفولة والتشويه الجنسي
المتعمد لحياة البشر، وفي عام 2008 اصدرت منظمة الصحة العالمية بياناً
مشتركاً مع 9 شركاء للأمم المتحدة لدعم التخلي عن ” ختان الإناث ” واظهار
اضراره في منشورات ومحاولة تقييد ممارسة تلك الإعتداءات بدعوات تجريم لتلك
الجراحات ، وفي عام 2010 قدمت منظمة الصحة العالمية استراتيجية للمنع تقديم
الخدمات الطبية في تلك الحالات بالتعاون مع المؤسسات الرئيسية في الأمم
المتحدة .
وجاء موقف الإتحاد العالمي للنساء
والولادة مؤيداً لدعوات منظمة الصحة العالمية وقد اوصت بإعتبار ختان الإناث
انتهاكاً لأحكام حقوق الطفل، بينما تحركت وزارة الصحة المصرية بمنشور يوجب
علي الأطباء واعضاء التمريض بعدم ممارسة ” جراحات ختان الإناث ” وقد صدر
بعدها في يونيو 2008 قانون بتجريم ختان الإناث ووضع عقوبة تتراوح بين السجن
3 شهور إلي 10 سنوات مع الغرامة ولكن تلك العقوبة غير مُفعلة بشكل حقيقي
ومليئة بالثفرات التي لا تخفي علي دارسي كلية الحقوق ..
احد اكثر
الدول التي استطاعت تجريم ختان الإناث بشكل بات كانت المملكة المتحدة والتي
وضعت عقوبة تصل إلي السجن 14 عام لمن يقوم بتلك الجراحة .. ونتمني ان
تتبني مصر موقف مشابه هي وباقي دول الشرق الأوسط تأييداً لما توصلت له
التقارير الطبية والتوصيات العالمية .
في نهاية استعراضنا لقضية ( تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية )
لازم نذكر مجموعة تفاصيل مهمة عن الختان في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً
في مصر بإعتبارها احد اكثر مناطق الشرق الأوسط التي يتفشي فيها هذه الظاهرة
الإجرامية بتأييد ضمني من الدولة عن طريق عدم وجود مراقبة حقيقية للمراكز
الطبية مما يجعل نسبة ختان الإناث تصل إلي 91 % من الإناث بين سن 15 – 49
سنة في مصر فقط طبقاً لتقرير حكومي صادر في مايو من هذا العام ..
احصائيات .. الدول التي تنتشر فيها اعلي نسب الختان ..
وتحدث اغلب عمليات الختان للإناث والتي هي القاعدة بين سن 9 : 12 سنة وتحديداً في فصل الصيف حيث ذلك هو انسب وقت لتكون الفتاه بعيدة عن الملاحظة كي تتعافي في ظل العطلة الصيفية، وتتم بإسلوب قذر حيث يتم التواصل مع الطبيب – المُجرم – واعتبارها علي الورق بإسم ذكر كي لا يتم ملاحظتها وذلك لأن ختان الذكور ليس مُجرماً ويحدث ذلك في غفلة تامة من الدولة او ربما تواطؤ !
وتتم هذه الجريمة بدعم كامل من
الأهالي ذات المستوي الفكري والثقافي المتدني والتي تعيش في كنف الجماعة
حيث تؤيد سلوك يعتدي علي الطفولة ويشوه جسد الإنسان لمرض وعقدة في عقولهم
وإنصياعاً لقناعات دينية اشبه بالقرابين للآلهة التي عفا عليها الزمن
وتناقلتها الأسنة والألسنة حتي دُهست بأقدام العلم .